
قد يحدث أن تشهد دولة ما موجات فرار جماعية من أراضيها بسبب حروب داخلية أو خارجية، أو اضطهاد عرقي أو ديني تمارسه تجاه مجموعة من مواطنيها، ولكن المشهد في فنزويلا يبدو مختلفا، حيث فر أكثر من مليوني شخص من الدولة التي يصل تعدادها السكاني نحو 30 مليونا بسبب “العملة” والأوضاع الاقتصادية.
وتعيش دولة فنزويلا أوضاعًا صعبة مع ارتفاع معدلات التضخم لمستويات غير مسبوقة، وانهيار العملة المحلية رغم جهود الحكومة لإيجاد حلول لإنقاذها، وإنقاذ البلاد من الفرار الجماعي الذي لجأ إليه مواطنوها في مواجهة الغلاء الفاحش.
ويخلق العدد المتزايد يومًا بعد يوم للفارين من فنزويلا إلى الدول المجاورة، قلقًا بالغًا في المنطقة، زادت حدته الإجراءات التي بدأت تتخذها بعض الدول الحاضنة لمخيمات هؤلاء الفارين.
بداية الأزمة
وبدأت الأزمة في فنزويلا منذ أربع سنوات حينها تتمتعت باقتصاد قوي، حيث كانت أغنى من المملكة العربية السعودية من حيث إنتاج النفط، ولكن أسعار النفط تراجعت في السنوات الأربعة الماضية، وتراجعت معدلات الاستثمار، وشهدت البلاد نقصًا في المنتجات الأساسية والدواء وسط توقف الخدمات العامة، وبدأ معدل التضخم يرتفع حتى وصل إلى مليون بالمائة، الأمر الذي بدأ ينبئ بثورة جياع في طريقها إلى البلاد، تاركا لأكثر من 2 مليون شخص سبيلا واحدًا للنجاة؛ وهو الفرار.
2 مليون و300 ألف.. إلى أين المفر؟
أعلنت الأمم المتحدة أن 2.3 مليون شخص من فنزويلا التي يبلغ عدد سكانها 32 مليون و800 ألف شخص نزحوا إلى بلدان مثل كولومبيا والإكوادور وبيرو والبرازيل.
وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة إلى أن الفنزويليين يعانون من نقص في المواد الغذائية والعلاجية.
وأكدت الامم المتحدة وشركائها الإنسانيين أن المهاجرين من فنزويلا بحاجة إلى وضع قانوني ووثائق تثبت وضعهم، كما أنهم بحاجة إلى مأوى وخدمات صحية.
ويزداد عدد الفنزويليين الذين يفرون إلى البرازيل، بحسب ما يقوله مسؤولون برازيليون، بالرغم من هجمات تعرضت لها مخيمات مؤقتة للفنزويليين قبل عدّة أيام.
وقال سكان ومسؤولوون حكوميون إن سكان بلدة حدودية برازيلية غاضبين قاموا بطرد المهاجرين الفنزويليين يوم السبت بعد تعرض صاحب مطعم بالبلدة للطعن والضرب.
ودمر متظاهرون غاضبون في البرازيل خياما كان الفنزويليون يقيمون فيها في الشارع القريب من محطة الحافلات وأضرموا النار في متعلقات خلفها الفنزويليون.
وأجبرت المظاهرات مئات الفنزويليين على العودة عبر الحدود سيرا على الأقدام وقام سكان بإضرام النار في متعلقات تركها المهاجرون وفي إطارات سيارات لسد المعبر الوحيد بين البلدين وذلك حسبما أظهرت مقاطع مصورة بثتها حكومة ولاية رورايما.
وقالت خوانا بيريز – أم تبلغ من العمر 24 عاما – وهي تحتضن رضيعها البالغ من العمر ستة أشهر، إن ” البرازيليين جاءوا يجرون ومعهم عصي وزجاجات. لقد أحرقوا كل متعلقاتنا حتى ملابس الأطفال”.
ورغم الرفض البرازيلي -على الأقل من قبل شريحة من الشعب- لتواجد الفنزويليين الهاربين من بلادهم في البرازيل، فإن الآلاف لازالوا يصطفون في طوابير عند المعبر الحدودي الوحيد بين البلدين آملين في الدخول إلى الأراضي البرازيلية، وسط تواجد أمني مكثف من الجيش البرازيلي.
ويقول مسؤولون حكوميون برازيليون إن هذا التدفق الكبير للفنزويليين أدى إلى إرباك الخدمات الاجتماعية بالولاية البرازيلية وزيادة معدل الجريمة والدعارة والمرض، مما دفع حكومة ولاية رورايما للتوجه إلى المحكمة العليا في البرازيل بطلب إصدار قرار بتعليق دخول المهاجرين الفنزويليين للبلاد في محاولة للحد من تدفقهم.
ولم يختلف الوضع في الاكوادور كثيرًا عن البرازيل، فقد أعلنت...
الإكوادور قبل أيام حالة الطوارئ في ثلاث مقاطعات بسبب ارتفاع عدد الفارين الفنزويليين الذين يعبرون الحدود الشمالية مع كولومبيا.
وقالت وزارة الخارجية في بيان “أعلنت حكومة الإكوادور حالة الطوارئ فيما يتعلق بالهجرة البشرية في مقاطعات كارشي وبيشينشا وايرو لتوفير اهتمام فوري للفارين الفنزويليين على الحدود الشمالية”.
وأضافت أن الإكوادور بدأت منذ أسبوعين باستقبال 4200 مهاجر فنزويلي يوميا. ولم تذكر عدد الذين كانوا يصلون قبل ذلك أو لماذا زادت الأرقام.
إجراءات الحكومة.. حذف 5 أصفار
لجأت الحكومة الفنزويلية، الاثنين، إلى حذف خمسة أصفار من الأسعار في إطار خطة اقتصادية على نطاق أوسع، يقول رئيس البلاد نيكولاس مادورو إنها ستروض التضخم المنفلت، لكن منتقدين وصفوها بأنها سلسلة جديدة من السياسات الاشتراكية الفاشلة التي فاقمت الأزمة في البلد المضطرب.
وكانت الشوارع هادئة والمتاجر مغلقة في عطلة عامة في اليوم الأول لسريان خطة التسعير الجديدة لمادورو في اقتصاد متضرر، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي بلوغ معدل التضخم مليون في المئة بنهاية العام.
وتأتي التغييرات في الأسعار مع زيادة الحد الأدنى للأجور ثلاثة آلاف في المئة وزيادات ضريبية لدعم إيرادات الحكومة، وخطة لربط الرواتب والأسعار وسعر الصرف في البلاد بالعملة الرقمية “بترو” التي تدعمها الدولة.
ويقول خبراء اقتصاد إن من المرجح أن تتسبب الخطة التي أُعلنت يوم الجمعة في تفاقم الأزمة في بلد كان في الماضي يتمتع بالرخاء، لكنه الآن يعاني من نقص في المنتجات على غرار النموذج السوفيتي.
من جانبها دعت الأحزاب الثلاثة الرئيسية في المعارضة الفنزويلية مطلع هذا الأسبوع إلى إضراب العام، احتجاجا على الإصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس نيكولاس مادورو، والتي يرون أنها خطوة جديدة للبلاد نحو الهاوية وأنها ستزيد الوضع سوءًا.
محاولة اغتيال الرئيس
ويشار إلى أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تعرض لمحاولة اغتيال مطلع أغسطس/أب الجاري تضمنت استخدام طائرات بلا طيار تحوى متفجرات . وقال مادورو إن” كل شيء يشير” إلى مؤامرة يمينية حيث قالت التحقيقات المبدئية أنها مرتبطة بكولومبيا وولاية فلوريدا الأمريكية حيث يعيش منفيون فنزويليون كثيرون .
ولم يصب مادورو بأذى ولكن رودريجيز قال إن سبعة من جنود الحرس الوطني أصيبوا. وقال مادورو اليساري الذي حل محل الرئيس هوجو تشافيز بعد وفاته في 2013 في كلمة تلفزيونية “لقد حاولوا اغتيالي”.
ويبقى مصير الملايين من الشعب الفنزويلي مجهول وسط بلاد تشهد الأوضاع السياسية فيها عدم استقرار ملحوظ وانهيار تام للأوضاع الاقتصادية ودول جوار على وشك إغلاق أبوابها أمام هؤلاء الملايين.







TRT العربية
مقالات ذات صلة
- سوريين يتم البحث عنهم لتسليمهم تعويضات تصل لنصف مليون ليرة تركي .. قائمة بالأسماء
- دائرة الهجرة تتيح التقدم للحصول على الجنسية التركية في هذه الولاية
- التثدي عند الرجال الأسباب والعلاج
- تشاووش أوغلو لن نطبع مع النظام السوري أو نعقد اجتماعا معه
- الأرصاد التركية تحدد موعد تساقط الثلوج الحقيقي في اسطنبول
- قائمة بأقوى وأضعف جواز سفر في العالم 2023