الكاتب أ. حافظ لصفر العنوان - المجلة التركية
الفصل الثاني خصائص القيادة ومكونا تها ومميزات القيادة في الاسلام
المبحث الاول خصائص القيادة ومكوناتها
مفهوم القيادة
القيادة هي القدرة على التأثير على الآخرين وتوجيه سلوكهم نحو تحقيق الأهداف المشتركة، فهي مسؤولية تجاه المجموعة المقادة لتحقيق النتائج المرسومة أو هي أنها عملية التأثير في نشاطات الجماعة بهدف تحقيق الأهداف، و تعبر القيادة بوجه عام عن القيام بتلك الأعمال التي تساعد الجماعة على تحقيق أهدافها وفي تعريف آخر هي القدرة على معاملة الطبيعة البشرية أو على التأثير في السلوك البشري لتوجيه جماعة نحو تحقيق أهداف مشتركة، بطريقة تضمن بها طاعتهم واحترامهم، ومنها يتم تعريف القائد على أنه الشخص الذي يستخدم قدراته وقوته ليؤثر على سلوك وتوجيهات الأفراد من حوله ليحقق أهدافهم المشتركة.
هناك ثلاثة مصطلحات رئيسية ومرتبطة مباشرة بالقيادة، وهي: القوة والتأثير والسلطة
- القوة: فهي القدرة الكامنة على التأثير في سلوك الآخرين حيث ترتبط القوة بشكل عام بالسيطرة على الموارد القيّمة أو النادرة
-التأثير: فيظهر عندما يمارس شخص ما قوته بوعي أو غير وعي في التأثير على سلوك واتجاهات شخص آخر
- السلطة: فهي القوة الناتجة أو الممنوحة من قبل المنظمة
الفرق بين القيادة والإدارة
تعرف القيادة الإدارية هي نشاط يمارسه القائد الاداري في مجال اتخاذ القرارت واصدار الاوامر والإشراف على الآخرين بموجب السلطة الرسمية الممنوحة له بحيث يسعى من أجل التأثير على سلوك الاخرين لتحقيق الهدف. وظهر مفهوم القيادة منذ القدم ولكن مفهوم الإدارة مفهوم حديث .ومن هنا فإن القيادة ما هي إلا فرع من فروع الادارة وتتكون العملية الادارية من اربع وظائف وهي التخطيط- التنظيم التوجيه- الرقابة.
ويمكن تلخيص أهم الفروق بين القيادة والإدارة حيث إن الإدارة تركز على المنطق أكثر من القيادة التي تركز على العاطفة، وتهتم الإدارة بالتفاصيل والجزيئات على عكس القيادة التي تركز على اختيار العمل الصحيح، وبالإضافة الى أن عملية القيادة تقوم على ثلاث أمور رئيسية وهي تحديد الاتجاه والرؤية وحشد القوى نحو هذه الرؤية والتحفيز وحشد الهمم لتحقيق الأهداف المرجوة.
مهارات القيادة
لا شك أن كل قائد يجب أن يمتلك صفات أو مهارات تساعده على التأثير في سلوك الأفراد وتحقيق أهدافه، ولكي يستطيع القائد تفهم الأطراف الثلاثة لعملية القيادة والتي هي: القائد والاتباع والموقف فلا بد أن يحوز أو يكتسب أربع مهارات وذلك ليحقق أهداف الأفراد ويرفع درجة رضاهم وهذه المهارات هي
• المهارة الفنية: وهي أن يمتاز القائد بالقدرة على اتقان العمل وأن يكون مجيداً له، وأن يكون قادراً على استعمال المعلومات المتوفرة لديه، ويكون قادر على تحليلها بدقة وفق الطرق والوسائل والإمكانيات المتاحة لديه لإنجاز العمل، وأكثر ما يميز هذه المهارات أنها أكثر تحديداً ويمكن ملاحظتها على القائد بسرعة وبالإضافة الى أنها أسهل اكتساباً من المهارات الأخرى
• المهارة الإنسانية: ترتبط بطريقة التي يستطيع الشخص التعامل بها مع الناس من أجل كسب تعاونهم واخلاصهم له وللعمل، وبالتالي زيادة في الانتاجية والعطاء وبالإضافة الى أن يتمتع القائد بالقدرة على التعرف على متطلبات العمل بين الفرد والجماعة
• المهارات التنظيمية: وتعني قدرة القائد على فهم التنظيم الذي يقوده، وفهم الترابط بين أجزائه وأهدافه، وفهم العلاقات بين الأفراد، ولذلك يحتاج القيادي الى مهارات مهنية متعلقة بمجال العمل وذلك لتمكن من تحقيق الهدف الذي يسعى اليه، وبالإضافة الى أن يلتزم القائد بقواعد العمل وأخلاقه.
• المهارة الفكرية: وهي أن يمتاز القائد بالقدرة على الدراسة والتحليل والاستنتاج، ويمتاز بالمرونة والقدرة على ايصال الأفكار للآخرين، وكذلك القدرة على التطوير بما يلائم العصر والتأقلم مع المتطلبات التي يحتاجها كل عصر وظرف.
وبالتالي فإن أهم السمات والمهارات التي يجب أن تكون لدى القائد في أن يكون قادر على التأثير والاقناع وإحداث تغيير، وأن يمتلك قدرات ذاتية تخدم أهداف العمل، والقائد بحاجة الى أفراد وهدف مرسوم يسعى هو والأفراد الى تحقيقه من خلال أسلوبه بالإقناع والتأثير ونقل الأفكار بطريقة ايجابية تزيد من القرب من تحقيق الهدف المراد
أهمية القيادة
لا بد للمجتمعات البشرية جميعها أن يكون لديها قيادة تقوم بترتيب حياتها وتقيم العدل وتسعى الى تحقيق أهداف الأفراد والمجتمع وتكمن أهمية القيادة بمجموعة من النقاط منها
-القائد هو حلقة الوصل بين الأفراد وبين خطط المؤسسة
هي الأساس التي تتمحور حولها المفاهيم والاستراتيجيات -السياسات
-دعم القوة الإيجابية والتقليل من الجوانب السلبية داخل العمل
التحكم في المشاكل والتقليل منها وحسم الخلافات والترجيح بين الآراء
تنمية قدرات الأفراد باعتبارهم جزء لا يتجزأ من العملية القيادية
القيام بالتغييرات بما يلائم المكان والزمان وكذلك استراتيجيات العمل
الهدف الرئيسي أنها تسعى الى تحقيق الهدف المرسوم وتسهيل العمل
المبحث الثاني مميزات القيادة في الاسلام
كان النبي عليه الصلاة والسلام مثالاً للقائد الناجح الذي استطاع خلال مراحل حياته قيادة الأمة لما فيه صلاحها وسعادتها في الدنيا والآخرة، وسار الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم على هديه عليه الصلاة والسلام في الحكم والسياسة والادارة، فكانوا خير قادة يخلفون نبي الله في قيادة الأمة، فشهدت عهودهم تطورات عظيمة في شكل الدولة الإسلامية من حيث التنظيم واتساع الرقعة، وزيادة الموارد المالية وحسن ترشيدها وادارتها حتى أصبحت الدولة الإسلامية قدوةً للأمم حولها. ومن المعين النبوي انبثق قادة المستقبل ومنهم نستنبط صفات القائد في الإسلام "صحة العقيدة" التي تضمن سلامة المنهج من صفات القائد الناجح في الإسلام أنك تراه صحيح العقيدة، مؤمناً بربه إيماناً قاطعاً لا يتسلل إليه الشك، مدافعاً عن دينه، مؤمناً بالقيم والمبادئ التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، ولا شك أنّ هذا الإيمان يولد لدى القائد المسلم العزيمة التي تحثه على السعي لتحقيق الغايات والأهداف التي آمن بها، ومن الأمثلة التي تدل على إيمان القائد العظيم بربه ودينه موقف الفاروق عمر رضي الله عنه حينما سار إلى بيت المقدس وخاض الطين بقدميه عند وادي عمواس، وحينما لامه الصحابي أبو عبيدة بن الجراح على ذلك قال: (إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله) [إسناده صحيح أو حسن].
التشاور والعمل بمبدأ الشورى يول الله عز وجل جلاله "وشاورهم في الامر" فمن صفات القائد الناجح في الإسلام أنّه لا يستأثر برأيه دون الناس، معتقداً أنّه الصواب وما دونه الباطل، مثلما فعل فرعون مع قومه حينما استخف بعقولهم، بل ترى القائد المسلم يحرص على مشاورة أهل الخبرة والعلم والمعرفة حتى يضمن صواب الرأي الذي يتخذه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يشاور أصحابه، كما فعل ذلك الخلفاء الراشدون، وكثير من الخلفاء المسلمين بعدهم.
العدالة والمساواة بين الناس من صفات القائد في الإسلام أنّه يعدل بين رعيته ومن يكون مسؤولاً عنهم، فلا يظلم أحداً أو يحابي إنسان على آخر، بل يحقق العدالة والمساواة بينهم جميعاً اما بالنسبة للقدوة الصالحة كان عمر يعطي المثال الحسن لأصحابه سيرا على هدي وسيرة المصطفى عليه السلام "كان قرانا يمشي" فالقائد المسلم قدوة لرعيته، فلا يأتي من الأفعال ما ينهى الناس عنه، بل تراه أول الناس التزاماً بالمنهج الذي يأمر به.
ففي كتاب "تحديات القيادة" لجيمس كوزيس وباري بوسنر توصل المؤلفان إلى خمس ممارسات للقيادة المتميزة وهي اخر ما توصل اليه علماء القيادة في ما يجب ان يتمتع به القائد الناجح كلها نجدها متجسدة في شخصية عمر بن الخطاب والتي تبلورت على الشاكلة الاتية
-يجسدون القدوة كان رضي الله عنه قدوة في القول والعمل والسلوك للامة
-يلهمون الآخرين برؤية مشتركة قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم" خلق لسياسة الامم وقيادة الرجال"
-يتحدون طرق العمل "ان لم تتحمل الصعاب فلا يمكنك ان تصبح الاكثر نجاحا" مارس مهنة التجارة ورعي الغنم ولقي صعابا مناخية واختبارات في حسن ادارة ازمات المت بالأمة في بداية فتوتها كحروب "الردة" وازمة وباء الطاعون....
-يمكنون و يدعمون الآخرين
-يشجعون القلب (التحفيز) "ان القيادة ليست شانا من شؤون العقل بل هي شان من شؤون القلب"
كلما مارست أكثر الممارسات الخمس السابقة كلما زاد احتمال تركك أثر إيجابي على الآخرين